[size=21]بسم الله الرحمن الرحيم وكفى ...
والصلاة والسلام على النبي المصطفى ...
ومن سار على نهجه واقتدى ...
اما بعد : ...
اخواتي :
جميعنا بدأت حياتنا بصرخات الفزع والخروج من ظلمات الرحم الى نور الحياة
استقبلنا الجميع بالسعادة والفرح
وهكذا تبدأ رحلتنا ...
نحن يا اختاه جميعنا احفاد ادم عليه السلام
فادم خلق من تراب
قال تعالى
{{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ }}
عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
" إِنَّ اللَّه خَلَقَ آدَم مِنْ قَبْضَة قَبَضَهَا مِنْ جَمِيع الْأَرْض
فَجَاءَ بَنُو آدَم عَلَى ظَهْر الْأَرْض جَاءَ مِنْهُمْ الْأَحْمَر وَالْأَسْوَد وَبَيْن ذَلِكَ وَالْخَبِيث وَالطَّيِّب وَبَيْن ذَلِكَ "
ثم مزج هذا التراب بالماء حتى أصبح طيناً قال تعالى
{{ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ }} .
ثم هذا الطين ترك مدة حتى جف و أصبح كالصلصال قال تعالى
{{ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ }}
ثم نفخ الله في ادم قال تعالى
{{ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ}}
فنحن جميعا من ذرية ادم عليه السلام واصلنا هو التراب فنتعجب ممن يتكبر واصله معروف
ولكن رحلتك لم تبدأ بعد ..
في وقت ما يجتمع الرجل زوجته
ويجتمع الحيوان المنوي بالبويضة
فتكون تلك بداية تكوينك
فانت مجرد نطفة حقيرة ثم ما تلبث تلك النطفة ان خلقت الى علقة اي دم غليظ تعلق بجدار الرحم ثم خلقت قطعة لحم وهي المضغة
ثم خلقت عظاما ثم كساها الله سبحانه وتعالى لحما ثم نفخ فيه الروح فصار خلقا اخر ذو حركة وحس وادراك وسمع وبصر
قال تعالى :
{{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12)
ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13)
ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) }}
ثم جاء ميعاد الولادة
فتخرجين اختاه على صرخات الالم والتعب
واول ردة فعلك هي البكاء ولكن الجميع يفرح لدخولك والجميع يسعى للعناية بك فانت لازلت في بداية الرحلة لا تملكين لنفسك ضرا او نفعا .
وتمر الايام ..
والسنوات ..
والان اصبحت في مرحلة الطفولة
تلعبين وتلهين لا تفكرين في شئ
وتصلين الى السابعة
فتبدأ في حياتك مرحلة جديدة مرحلة تعلم عماد الدين قال صلى الله عليه وسلم:
" رأس الأمر الاسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله "
قد لا تستمعين بصلاتك في البداية
وقد تعدينها امرا شاقا
ولكن ربما تغير الححال فانت لازلت في بداية الطريق
وتمر الايام ..
و تصبحين من المكلفين
فكل ما تقولين وما تفعلين يكتب عليك
فهوا اما شاهدا لك او عليك
قال تعالى :
{{وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا
مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا }}
وقد تغير الحال
فانت لم تعودي تلعبين كما كنت
بل الان اصبت مكلفة تحاسبين على اعمالك
فلا يغرك صغر سنك فكل شئ سيشهد عليك يوم لا ينفع مال ولا بنون
اما والان فقد وعيت لمهمتك الاساسية للحياة
وهي عبادة الله
قال تعالى :
{{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }}
فالهدف من عبادتك ليس متابعة جميع المسلسلات
وحفظ الجديد من الاغنيات
ولبس فاخر الثياب
بل لعبادة الله وحده
فتاملي اختاه بالله عليك
هل تؤدين الغرض من عبادتك
حاسبي نفسك
كم مرة تهاونتي بصلاة ؟
كم مرة تكاسلتي عن صلاة الفجر ؟
كم مرة تساهلتي في حجابك ؟
وكم وكم وكم ........... ؟
وتمر الايام
وتمر وتمر
وها انت في الخمسين ثم الستين وقد تصلين للسبعين
ولكن النهاية واحدة
وكلنا سنذوقها
قال تعالى :
{{كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ }}
الموت ..!
يا لها من كلمة
ارتجف لها قلوب اعتى الشجعان
فلم يستطع احد ان يتفاداه فكلنا سنموت
ولكن ليس الموت نهاية الرحلة فالرحلة طويلة
وكل حياتك الدنيوية ما هي الا كعابر سبيل استظل في شجرة ثم تركها
فكيف بك اختاه اذا بلغت الروح الحلقوم
وها انت تودعين كل حياتك سواء صالحة ام طالحة
هل تاملتي في الموت
أما أنه ألم، فلقد وصف بعض السلف ألم الموت عند احتضاره، بأنه يعدل ألف ضربة بالسيف
، ووصفه بعضهم كأنه في جب من نار، سأل عمر بن الخطاب كعبا عن الموت فقال له كعب: يا أمير المؤمنين كغصن كثيرة
أشواكه، أدخلت في جوف رجل فأصاب كل شوكة كل عرق فيه، ثم نزعت منه مرة واحدة، أبقى منه ما أبقى وأخذ منه ما أخذ.
((إن رسول الله عليه الصلاة والسلام عند احتضاره، وكان أمامه قدح ماء، فكان يأخذ منه
ويضع على جبينه الشريف، ويقول: اللهم هون علي سكرات الموت، إن للموت سكرات))
فكيف بك عندما يتشوش عقلك
وينعقد لسانك
وتجحظ عيناك
وتتقلص شفتاك
وتضعف اطرافك
فهل استعذتي بالله من فتنة الموت ؟
هل ضمني حالتك عند الموت ؟
هل تموتين على معصية ام على طاعة ؟
هل تموتين ميتة سوء ام ميتة حسنة ؟
بل هل تموتين مسلمة ام كافرة ؟
كيف بك والملائكة عندك
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة ،
نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه ، كأن وجوههم الشمس ، معهم كفن من أكفان الجنة ، وحنوط من حنوط الجنة ، حتى
يجلسوا منه مد بصره ، ثم يجيء ملك الموت عليه السلام ، حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة ( وفي رواية : المطمئنة)
اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان . قال : فتخرج فتسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها.......... وإن العبد الكافر ( وفي رواية الفاجر )
إذا كان في انقطاع من الآخرة وإقبال من الدنيا ، نزل إليه من السماء ملائكة[ غلاظ شداد] سود الوجوه ، معهم المسوح [ من النار ] فيجلسون منه مد البصر
، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب. قال : فتفرق في جسده ، فينتزعها
كما ينتزع السفود [ الكثير الشعب ] من الصوف المبلول [ فتقطع معها العروق والعصب ]).
ثم .......
يحملونك بعد سنوات طويلة من مشيك بنفسك
يغسلونك وانت التي تغسلين نفسك منذ تركت الطفولة
يصلون عليك وانت التي كنت تصلين بنفسك منذ كنت في السابعة
ثم توضعين في قبرك
فهل تخيلتي الليلة الاولى بالقبر
فارقت موضع مرقدي *** يوماَ فقارققني السكون
القــــــــــــبر أول ليلة *** بالله قل لي ما يكون ؟!
هل سمعت عن عذاب القبر
وعن أنس رضي الله عنه قال :
قال نبي الله صلى الله عليه وسلم
« إن العبد إذا وضع في قبره ،
وتولى عنه أصحابه، إنه ليسمع قرع نعالهم قال: يأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟
قال : فأما المؤمن فيقول : أشهد أنه عبد الله ورسوله قال : فيقال له : إنظر إلى مقعدك من النار، قد أبدلك الله
به مقعداً من الجنة قال نبي الله صلى الله عليه وسلم فبراهما جميعاً »
وأما المنافق والكافر فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرحل ؟ فيقول: لا أدري ،
كنت أقول ما يقول الناس فيقال: لا دريت ولا تليت، ويضرب بمطارق من حديد ضربة، فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقيلين» {متفق عليه}
اللهم انا نعوذ بك من عذاب القبر
بعد القبر......
{{ مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ }}
فتكون نفخة الصعق او الموت فيموت جميع من في الارض
ثم
{{ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ }}
فتكون نفخة البعث
وهي صيحة توقظ الأموات مما هم فيه ، ثم يحشرون بعدها إلى أرض المحشر
أما عن الفترة الزمنية الفاصلة بين النفختين ، فقد ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( بين النفختين أربعون ، قالوا : يا أبا هريرة أربعون يوما ، قال : أبيت
، قال : أربعون سنة ، قال : أبيت ، قال : أربعون شهرا ، قال : أبيت ،.. )
رواه البخاري ومسلم . ومعنى قول أبي هريرة
رضي الله عنه : أبيت . أي :أمتنع عن تحديد أي أربعين أراد النبي صلى الله عليه وسلم ، لكونه صلى الله عليه وسلم أطلق لفظ أربعين ولم يحدد . والله أعلم.
في يوم القيامة يبعث الناس عراة حفاة غرلا ولكن لاينظرون الى بعضهم البعض فالامر عظيم
ففي ذلك اليوم تذهل كل مرضعة بما ارضعت
وتضع كل ذات حمل حملها
يكون الناس كالسكارى وما هم بسكارى
يأخذ المؤمن كتابه بيمينه ، و يأخذ الكافر كتابه بشماله، و من وراء ظهره
فيفرح المؤمن ويغتم الكافر ويتمنى لو انه لم يراه
ولكن الجزاء من جنس العمل
وكيف بنا والشمس دانية من الرؤوس حتي تصبح علي قدر ميل كما عليه الصلاة و السلام
تدنو الشمس من الرؤوس حتي تكون علي قدر ميل...
كل يعرق علي قدر معصيته...
فمنهم من يصل العرق إلي كعبيه...
ومنهم من يصل العرق إلي ركبتيه...
و منهم من يصل العرق إلي سرته...
ومنهم من يلجمه العرق ( يصل إلي فمه فلا يستطيع فتحه)
بل ومنهم من يسبح في عرقه
هل تاملتي اهوالها
هل تاملتي وقوفك للحساب
هل تاملتي مرورك على الصراط
بعدها ...
بعدما يدخل جميع أهل الجنة الجنة ويدخل جميع أهل النار النار يؤتي بالموت فيذبح علي الصراط
فيراه أهل الجنة وأهل النار
ثم يقال لأهل الجنة "يا أهل الجنة خلود بلا موت" فيفرحوا
و يقال لأهل النار " يا أهل النار خلود بلا موت" فييأسوا
فاهل الجنة يتمتعون بالجنة ونعيمها
ففهيا ما لا اذن سمعت ولا عين رأت ولا خطر على قلب بشر
قال تعالى :
{{ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا
وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ }}
عن أبي هريرة -رضي الله عنه-
قال
:" قلت يا رسول الله مم خلق الخلق؟ قال: من الماء قلت ما بناء الجنة؟
قال: لبنة من الفضة, ولبنة من ذهب, ملاطها [الملاط: الطين ]المسك الأذفر, وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت, وتربتها,
الزعفران, من دخلها ينعم لا يبأس, ويخلد لا يموت, لا تبلى ثيابهم, ولا يفنى شبابهم "
(الترمذي و أحمد و صححه الألباني )
اما اهل النار
{{ قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ }}
اختاه
الا تعلمين ان اهون اهل النار عذابا هو رجل توضع في اخمص قدميه جمرتان تغلي منهما دماغه
اختاه
تنتهي الرحلة بعد عناء طويل
فمن احسن اختيار زاده
كان جزاؤه الجنة
ومن اساء اختياره
كانت جهنم مصيره
فاعتبروا يا اولي الالباب
هذا وصلوا - رحمكم الله - على خير البرية وافضل البشرية[/size]